××××××××××××××××

اهلا بك عزيزي القارئ

الأربعاء، ٢٢ رمضان ١٤٣١ هـ

بدايات البحث المنطقي


في بداية القرن العشرين، بدا البحث في نظرية الاحتمال ياخذ - الى جانب بعده الرياضي - بعدا فلسفيا منطقيا. وقد سرع في ذلك سير البحث الرياضي عموما نحو الجانب المنطقي. ففي العام (1908)، تعرض الفيلسوف والرياضي الفرنسي «هنري بوانكاريه» (1854 - 1912) الى فلسفة المصادفة في كتابه «العلم والمنهج».
وبين العامين (1910) و (1913)، ظهرت باكورة العمل المشترك بين الفيلسوف الانكليزي «برتراند رسل» (1872 - 1970) واستاذه ومواطنه الرياضي «الفرد نورث وايتهد» (1861 - 1947) في ثلاثة مجلدات باسم «اصول الرياضيات» تاسيسا منهما للمنطق الرياضي. وقد عده بعض الباحثين من اعظم الاعمال الفكرية في تاريخ الفكر البشري ((336))، وكان «راسل» قد سبق ذلك بكتاب «مبادئ الرياضيات» عام (1903).
ثم تعرض «راسل» سنة (1912) لمشكلة الاستقراء في كتابه «مشكلات الفلسفة»، تحت عنوان «في الاستقراء».
وفي عشرينات القرن العشرين، طرح امثال عالم الاحصاء الانجليزي «رونالد فيشر» (1890- 1962) والرياضي النمساوي «ريتشارد فون مايسز» (1883 - 1953) والفيلسوف الفيزيائي الالماني «هانز رايشنباخ» (1891 - 1953) مفاهيم جديدة عن الاحتمال تتفق مع مدلوله الاحصائي لا الاستقرائي.
وسنة (1921) بذل عالم الاقتصاد «جون ماينار كينز» (1883 - 1946) اول محاولة لاعادة احياء مفهوم الاحتمال القديم في كتابه «مقال في الاحتمال» ((337))، وتلاه الجغرافي والفلكي الانجليزي «هارولد جفريز»(1891 - 1989) عام (1939 م) في كتابه «نظرية الاحتمال» في رفضه لمفهوم الاحتمال الاحصائي،والى جانبهم الشاب «فرانك رامزي» (1903 - 1930) متصديا لمحاولات «هيوم» في هدم التجريبية والاستقراء . وقد شكل هؤلاء حركة عرفت باسم «البيزية» نسبة الى العالم متقدم الذكر «توماس بايز». وكان «رامزي» شديد النقد ل«رسل» و «وايتهيد» في كتابهما «اصول الرياضيات»، وقد جمعت مقالاته بعد وفاته ونشرت عام(1931) تحت عنوان «اسس الرياضيات وبحوث منطقية اخرى».
وكان للعالم السوفييتي «اندريه كولموغوروف» (1903 - 1987) عام 1933 دور بارز في تحديد انظمة العد التي تعتمد عليها نظرية الاحتمال، اضافة الى تحديده شروطا يجب ان يحققها الاحتمال، فتحدث عن «الفضاء العيني» و «الاحداث».. وقد عد عمل «كولموغوروف» مساهمة هامة في تطور نظرية الاحتمال.
وفي العام التالي، اي (1934 م)، يطلع علينا فيلسوف العلم النمساوي - الانجليزي «كارل پوپر» (1902 - 1994) بكتابه «منطق البحث» او «منطق الكشف العلمي» - كما اسماه في طبعته الانجليزية - ،والذي لم ير فيه ان الاستقراء دليل مفيد لليقين، بل اعتقد ان الصعوبات المتعددة للمنطق الاستقرائي لا يمكن تخطيها.وكان «پوپر» شديد التحامل على الاستقراء حتى لا تكاد تخلو مقالة او محاضرة له من هجوم على الاستقراء الذي كان يعده خرافة.
وفي العام (1935)، ينشر «هانز رايشنباخ» المتقدم الذكر كتابه «نظرية الاحتمالات»، والذي يبحث فيه حول الاستقراء.
وفي هذه الفترة توالت اعمال مجموعة من العلماء عملوا على التاسيس لبدهيات ((338)) الاحتمال، وكان منهم «فردريك وايزمان» سنة (1931)، «ستيفان مازركيوز» عام (1932)، «جنينا هوزياسون» (1940) و(1941)، «كوپمان» (1940)، «رايت» (1941).
وفي عام (1941) انصرف الفيلسوف الالماني «رودولف كارناپ» (1891 - 1970) الى دراسة الاستقراء ومشكلاته.
وفي هذه الفترة تمكن الفيلسوف الانجليزي «تشارلي دنبر برود» (1887 - 1971) من التاسيس لبدهيتي «الاتصال» و «الانفصال» واللتين نقلهما عنه «رسل» في كتابه الاتي.
وفي سنة (1945)، طلع «كارناپ» بمقالة له تحت عنوان «في المنطق الاستقرائي» نشرها في مجلة «فلسفة العلم»، واخرى عام (1947) تحت عنوان «في تطبيق المنطق الاستقرائي».
وفي عام (1948 م)، يعود «برتراند راسل » الى الساحة مع كتابه «المعرفة الانسانية.. مداها وحدودها» والذي خصص حوالي (80) صفحة منه للبحث حول نظرية الاحتمال. وقد لعب هذاالكتاب دورا بارزا في نقل افكار القارة الغربية الى الشرقية كما ياتي ان شاء الله تعالى.
وفي العام نفسه قدم الفرنسي «پوي سيرفيان» ثلاثة اعمال له حول الاحتمال: «الاحتمالات والفيزياء»، «الاحتمال والكمات» و «الصدفة والرياضيات» (مقال).
ثم اعقبهما «وليم نيل» بعمله «الاحتمال والاستقراء» عام (1949).
وعام (1950) ظهرت احدى اعمق الدراسات حول الاحتمال والاستقراء، وذلك في كتاب «كارناپ» «الاسس المنطقية للاحتمال» الذي تناول فيه المسالة بعمق وتخصص، بعد ان كان «كارناپ» - كما ذكرنا سابقا - قد انصرف الى مشاكل الاحتمال والاستقراء منذ (1941).


وبعد ذلك بعام (1951) نشر «كارناپ» «الطبيعة وتطبيق المنطق الاستقرائي». وفي العام نفسه نشر الدكتور المصري زكي نجيب محمود (1905 - 1993) كتابه المعروف «المنطق الوضعي» الذي تعرض في الفصل الاخير منه الى حساب الاحتمالات، ذاكرا بعض ما عند القوم من نظريات، لكن دون ان ياتي بجديد في المضمار.
وفي عام (1952) اردف «ردولف كارناپ» كتابه السابق ب«سلسلة المناهج الاستقرائية». كما وبحث الفيلسوف الانجليزي المعاصر «پيتر فريديريك ستراوسون» (1919 - ..) مشكلة الاستقراء، محاولا الغاءها في فصل من كتابه «مقدمة نحو النظرية المنطقية».
ولم يكتف «كارناپ» بذلك، فاضاف عام (1955) الى جهوده جهدا آخر في «الاحتمال الاحصائي والاحتمال الاستقرائي».
وعام (1957 م) كتب «سلمون» مؤلفه اي «هل علينا محاولة تبرير الاستقراء؟».
وعام (1965 م) كتب «هاكينغ» مؤلفه «اثبات سلمون للاستقراء»، ثم ناقش «ليفي» «سلمون» و «هاكينغ» معا في «هاكينغ وسلمون حول الاستقراء».
وفي عام(1966) كتب«سكايرمس» مقدمة حول مشكلة «التدليل»، وجمع «فوستر» و«مارتن» معظم المقالات في هذا المجال في كتابهما «Probability, Confirmation and Simplicity».
وفي العام نفسه كتب د. محمود زيدان - الذي صدرت عنه عام (1978 م) الترجمة الموجزة لكتاب «الاسس المنطقية للاستقراء» الى اللغة الانجليزية - كتابه «الاستقراء والمنهج العلمي».


وعام (1967 م)، ناقش «اسحاق ليفي» قواعد القبول الاستقرائية في كتابه «المقامرة مع الحقيقة».

للمزيد من مواضيعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق